اختلف علماء الأزهر حول فكرة مس الجن للإنسان، وحلول الجن في جسد الإنسان، وظهر فريقان، الأول يرفض الفكرة من الأساس، ويعتبرها من الخرافات التي انشغل بها المسلمون في العصر الراهن، بينما يقر الفريق الثاني بإمكانية حلول الجن في جسد الإنسان. ويتخذ كل من الفريقين حججاً وأدلة ليثبت بها وجهة نظره، حيث يرى الفريق الأول أن الله تعالى لم يُمكِّن الجن بحيث يتحكم في الإنسان، وليس هناك حديثٌ صحيح يدل على إخراج الجني من الإنسان.
أوضح عدد من علماء الأزهر أن المس الجني أمرٌ ثابت بالعديد من الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأنه حالة مرضية، وأن الرقية الشرعية هي العلاج المشروع والفعال له، حيث يقول الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية إن الجن عالم من العوالم التي خلقها الله تبارك وتعالى، وكلمة جن من يجن يعني اختفى واستتر، فسموا جناً لأنهم مستترون عن الأعين يروننا ولا نراهم، والجن عالم مخلوق يقابل الإنس في أنه مكلف، يعني هو عالم يعقل، وعلى أساس هذا العقل كلف الجن، وفي هذا يقول الله تعالى: (ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات الآية 56، والجن له صفاتٌ كثيرة يشترك فيها مع البشر، فهم يأكلون ويشربون وينامون ويموتون ويتزوجون ويتناسلون.
علاقة الجن بالإنسان
وأضاف الدكتور أبو طالب، وفقاً ل(الاتحاد): أما مسألة علاقة الجن بالإنسان، ومقولة إن الجن يتلبس بالإنسان، ويدخل في جسمه، ويتصرف فيه، ويتحكم في شأنه، وينطق بلسانه، فأنا لا أؤمن بهذا رغم أن هناك علماء كبارا قالوا بهذا ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ومنهم بعض العلماء الكبار في عصرنا.
وأرى أن الله سبحانه وتعالى لم يُمكِّن الجن بحيث يتحكم في الإنسان هذا التحكم، فهذا يتنافى مع قول الله تعالى: (ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، وينافي قوله تعالى (إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) فقد استخلف الله الإنسان في الأرض، وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعا، وكل ما في الكون مسخر للإنسان، فكيف يسخر الإنسان للجن؟ بالعكس رأينا الإنسان يسخِّر الجن مثلما هو الحال في قصة سيدنا سليمان عليه السلام.
وأشار أبو طالب إلى أنه قد يقول قائل إن هناك إشارة في القرآن يستدل بها البعض لإثبات مس الجن للإنسان، وهي قوله تعالى حينما يتحدث عن الذين يأكلون الربا: (الَذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ)، ونتساءل هنا: هل يصلح هذا دليلا على إثبات مس الجن للإنسان؟
ويقول: بالطبع (لا)، فالجن لا يمكنه أن يمس الإنسان كما أن كلمة (المس) هنا لا تعني دخول الجن في جسد الإنسان، ولاسيما وأن القرآن استخدم هذه الكلمة عندما ذكر سيدنا أيوب عندما قال تعالى: (واذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وعَذَابٍ)، ومسني الشيطان هنا تعني معاناة وعذابا من الوسوسة التي كان يوسوس بها لأيوب.
ويؤكد أن الصرع مرضٌ طبيعي حتى أنه في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كانت امرأة تصرع فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت له يا رسول الله إني أصرع أدعو الله أن يزيل عني هذا الصرع يعني بمعجزة إلهية قال لها: أو تصبري وتدخلي الجنة؟ قالت أصبر وأدخل الجنة ولكني أتكشف عندما تصيبني حالة الصرع أحيانا.. فأدعو الله لي أن لا أتكشف فدعا لها الله. ولو كان الصرع هذا بسبب جني داخل هذه المرأة، ويؤذيها ويعذبها ما كان الرسول يترك هذا الجني يعذب هذه المرأة ويتحكم فيها ولا يتخذ موقفاً منه.
حلول الجن
بينما يقر الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر الشريف بإمكانية حلول الجن في جسد الإنسان، مؤكدا أن مس الجن للإنسان ليس خرافة، ولكنه أمرٌ ثابت بالعديد من الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يستطيع الجن أن يدخل جسد الإنسان ويلحق به بعض الأضرار التي تظهر في صورة الصرع والاضطرابات والتشنجات وغيرها من الأعراض المقرونة بالمس الجني.
ويشير إلى أن مس الجن للإنسان يعد حالة مرضية لها علاج في القرآن الكريم والسنة النبوية، مؤكدا أن الرقية الشرعية هي العلاج المشروع والفعال لحالة المس الجني، كما أنها علاجٌ للكثير من الحالات الأخرى، مثل حالات السحر والحسد.
وقال: يجب على المسلم أن يؤمن بالغيب إيماناً لا يساوره ريب ولا يعتريه شك، والغيب هو ما غاب عنا، وأخبرنا الله عز وجل به أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
ويقول فضيلة الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر إن الجن حقيقة لا ينكرها عاقل، ونحن في الإسلام لدينا سورة كاملة في القرآن الكريم تعرف باسم سورة (الجن)، كما نجد الخطاب في كثير من الآيات القرآنية موجه إلى (الثقلين) والمراد بهما عالم الإنس والجن، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الجليل عن بعض حياة الجن خاصة عدم إمكانية رؤيتهم حيث قال تعالى: (إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) كما ثبت في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب الجن ودعاه إلى الإسلام.
كما يقول: بما أن الجن عالم كعالم الإنس يعيش بيننا ونحن لا نراه فقد يحدث بين الإنس والجن نوعٌ من التداخل، أو بعض التداخل وذلك كأن يطأ الإنسان جنيا ولا يراه، وأحياناً قد يسكب الإنسان بعض الماء الحار في دورات المياه فيتأذى بذلك الجن الذي يسكن تلك الأماكن، وقد يبني الإنسان بيتا أو يقيم مشروعا على أرض أو قطعة يسكنها الجن منذ فترة طويلة من الزمن ولا يرغب في تركها، وهنا تبدأ الحرب بين الإنس والجن.
ويشير الأطرش إلى أنه من الذين يؤمنون بالتلبس الجني للإنسان وهذا هو مذهب جمهور علماء المسلمين قديما وحديثا، والأدلة على ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين، مؤكدا أن أمراض المس موجودة منذ عهد السلف الصالح، وقد قال بها العديد من علماء الإسلام مثل ابن تيمية، مشيرا إلى أن هناك أناساً ملبسون بالجن فعلاً، وهذا أمرٌ مشاهَد في حياتنا.
* أرى أن الله سبحانه وتعالى لم يُمكِّن الجن بحيث يتحكم في الإنسان هذا التحكم، فهذا يتنافى مع قول الله تعالى: (ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، وينافي قوله تعالى (إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) فقد استخلف الله الإنسان في الأرض، وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعا، وكل ما في الكون مسخر للإنسان، فكيف يسخر الإنسان للجن؟ بالعكس رأينا الإنسان يسخِّر الجن مثلما هو الحال في قصة سيدنا سليمان عليه السلام.
* يشير الأطرش إلى أنه من الذين يؤمنون بالتلبس الجني للإنسان وهذا هو مذهب جمهور علماء المسلمين قديما وحديثا، والأدلة على ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين، مؤكدا أن أمراض المس موجودة منذ عهد السلف الصالح، وقد قال بها العديد من علماء الإسلام مثل ابن تيمية، مشيرا إلى أن هناك أناساً ملبسون بالجن فعلاً، وهذا أمرٌ مشاهَد في حياتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تحياتى للزائرين